تكريم مغتربين

في فندق أمبسدور في 14 آب 1961

   دعت لجنة دار الطائفة إخوانًا مغتربين، إلى تناول طعام غداء في فندق "أمبّسدور – بحمدون" فلبّى الدعوة لفيف كريم منهم واعتذر آخرون، لعدم تمكّنهم من الحضور لأسباب قاهرة، وذلك ظهر الأحد الواقع فيه الرابع عشر من شهر آب 1961، وقد تجلّت في هذا الاجتماع روح عائليّة مشبعة بالإيناس، دلّت على الأخوّة الصادقة التي تربط بين المهاجرين والمقيمين في ربوع الوطن.

   وكان الجوّ عابقًا بالمرح والسرور، وشعر كلّ من حضر الغداء أنّ "بني معروف"، أينما كانوا، عائلة واحدة، وممّا زاد جمال الاجتماع بهجة ورونقًا، جلال المنظر المطلّ على وادي المتن الأعلى، المعروف بوادي لامرتين أو وادي حمانا.

   وقد ضمَّ الحفل باقة خيّرة من الدروز، مثل السادة "سعيد خويص" (الأكوادور – وهو من بلدة بتاتر) و"أمين داوود فيّاض" و "سليمان حمادة" و "أمين خطّار" (الولايات المتّحدة الامريكيّة). ومن بين هؤلاء من قضى خمسين عامًا في المغترب، كالسيّد "خويص"، الرجل العصاميّ والأديب الذي لم يُنسه طول الاغتراب لغته العربيّة ولم يُضعف فيه حبّ العروبة، ولا أنساه التقاليد العربيّة المعروفيّة القديمة، وإنّك لتحسّ وهو يحدّثك بفيض من محبّة وشوق لهذا الوطن وخوف على الطائفة الدرزيّة من أن ينالها ضيم، وذلك يتجلّى أيضًا في وجهه وعينيه قبل أن يظهر في لسانه العذب، وقد تبرّع وهو مطرق الرأس حياءً، بألف دولار، وتجنّد لمناصرة مشروع إتمام الدار وغيره من المشاريع، التي قد تقوم لرفع كرامة الطائفة التي تعدّ ركنًا أساسيًّا في بناء هذا الوطن اللبنانيّ العربيّ.

   وفي فترات تناول أصناف الطعام، تناوب على الخطابة كلّ من السيّدين "توفيق عسّاف" و "إميل خضر"، من لجنة الدار، والسيّدتان "شهلا الدّاقور" و "جمال مكارم"، والسادة "نايف خطّار" و"عبّاس نصر الله" و"سامي أبو الحسن" (عن المغتربين).

   وكانت كلمات الخطباء مفعمة بروح التفاؤل وداعية إلى العمل المشترك وجمع القلوب والاتّحاد، ومشجّعة على إنجاز الدار، بعد أن تحققوا من حسن النيّة ونبل المقصد، وتمنّوا على أعضاء لجنة الدار الثبات في المسعى والعمل المستمرّ حتّى يتحقّق لبني معروف إتمام بناء شامخ يفخرون به وأبنية أخرى تدرّ ريعًا يكفي معوَزهم وعاجزهم، ويساعد على ضبط شؤونهم ومحاربة فوضاهم.

   وبعد هذه الكلمات، أبى المغتربون الكرماء إلّا أن يوفّروا على اللجنة شيئًا من الجهود، فتبرّعوا من ساعتهم، بما طالت أيديهم، بمبلغ عشرة آلاف ليرة لبنانيّة.

   شكرت اللجنة وفود المغتربين الذين ودّعوا وأفئدتهم تطفح بُشرًا وعيونهم ترقص فرحًا. كان هذا الاجتماع محييًا للأمل، لأنّ كلّ من حضر هذه الساعات الحلوة تأكّد من أنّ في أبناء الطائفة، مغتربهم والمقيم هنا، رجالًا كرامًا نفسًا ويدًا، وأنّ فيهم عناصر خيّرة تستطيع أن تجترح كلّ عجيب ولا ينقصها سوى السعي الدائب والتآزر لتسمو إلى منزلة رفيعة، أسوة بسائر الطوائف اللبنانيّة، وتبلغ الأرب في إتمام مشاريعها النبيلة.

   سدّد الله خطى كلّ من عمل صالحًا لطائفته ووطنه ولجميع الناس.

                                              يوسف س. نويهض